الاعلام الكردي والحكومة المحلية بين حرية التعبير والتجاوزات

سليمانية، اقليم كوردستان العراق: تحت عنوان الاعلام الكردي والحكومات المحلية بين حرية التعبير والتجاوزات وشعار “البيئة الاعلامية وضرورة المراقبة” نظمت منظمة مراقبة الاعلام الكردي (ماك) اولى امسياتها النقدية للعام الجديد لكل من د.هفال ابوبكر محافظ السليمانية ودياري محمد مدير مركز ميترو للدفاع عن الصحافيين.

وفي بداية الامسية التي جرت في الثالث عشر من كانون الثاني (يناير) عام 2018 على قاعة غاليري اورفة في السليمانية، رحب د.شوان آدم عضو الهيئة التأسيسية لمنظمة مراقبة الاعلام الكردي بالضيوف مشيرا الى ان احد اهداف المنظمة هو تحديد وابراز المعوقات الرئيسية امام الاعلام والاعلاميين. وسلط الضوء على العلاقة غير الطبيعية بين القوات الامنية في اقليم كردستان خلال التوترات والتظاهرات التي شهدها الاقليم في السابع عشر من كانون الاول (ديسمبر) من عام 2017 والايام التالية ولاسيما تحول السليمانية من “عاصمة الثقافة” الى ارض مليئة بالمسلحين وحملات الاعتقالات من قبل القوات الامنية ضد المتظاهرين والصحافيين وايقاف بث القنوات الاعلامية.

واشار دياري محمد في المحور الاول من الامسية الى تقرير اوضاع الحرية الصحافية في اقليم كردستان العراق وهو آخر نشاطات مركز ميترو للدفاع عن الصحافيين والمعنون “القانون لا يحمينا، انعدام سيادة القانون يهدد الديمقراطية والحرية الصحافية”.

وسجل التقرير التجاوزات والانتهاكات الرئيسية لعام 2017 الذي وصف بـ”الاصعب للصحافيين”، اذ شمل تسجيل اربع حالات قتل وحالتي اغتيال و14 حالة اصابة خلال تغطية جبهات القتال و206 حالة منع و12 حالة كسر للادوات الصحافية و25 حالة حجز الادوات الصحافية و 23 حالة اعتقال دون قرار من المحكمة و10 حالات اعتقال بامر من المحكمة و 58 حالة اعتداء وضرب و18 حالة تهديد، وحالتي اطلاق نار و سبع حالات ايقاف البث وخمس حالات اغلاق مكاتب وسائل الاعلام.

والسبب وراء تلك التجاوزات حسب دياري محمد يعود لعدم سيادة القانون والتعامل غير الصائب للقوات الامنية وعدم تفعيل الادعاء العام وتعطل البرلمان في مراقبة التجاوزات القانونية للحكومة وعدم اعتقال المجرمين وقتلة الصحافيين، هذا فضلا عن قلة الوعي القانوني لدى الصحافيين في تسجيل دعاوي ضد من يقومون بتجاوزات ضدهم وكذلك عدم تطبيق قانوني العمل الصحافي وحق الحصول على المعلومات.

وفي المحور الثاني للامسية عبر د.هفال ابوبكر كأرفع مسؤول اداري ورئيس اللجنة الامنية لمحافظة السليمانية عبر عن قلقه من اي اعتداء يتعرض له ليس فقط الاعلام والصحافيين وانما اي مواطن ايضا، ولاسيما ما جرى خلال التوترات والتظاهرات الشهر الماضي.

وشدد على انهم يدعمون اي نشاط مدني خارج اطار العنف، الا انه عاتب القنوات الاعلامية التي تنشر امورا لم تحصل ما يؤثر على نفسية المجتمع، وقال: “الاعلام هو مدرسة المجتمع، لذلك لابد ان نكون حذرين جدا من كيفية ادارة هذه المدرسة لمجتمعنا… عندما يصمت الاعلام في المجتمع الكردي يهدأ المجتمع، وعندما يعمل الاعلام يصاب المجتمع بالاضطراب”.

واعلن رفضه التحرض على الاشتباك واعمال العنف، مشبها خطاب الاعلام الكردي بمجموعة من السهام التي تصوب يوميا نحو المواطنين الامر الذي ادى الى توتير الامن الاجتماعي والاوضاع النفسية للافراد وسيطرة الاحباط على الجميع، وقال: ان لم يتم منع هذا الوضع لكان الوضع في السليمانية اسوأ من الموصل. واوضح ان الصحافة الكردية لاتزال في مرحلة الحكاية وان معظم تغطياتها ذاتية وبعيدة عن الموضوعية واضاف: “على عكس العالم فان الاعلام والانتخابات في اقليم كردستان هما من اسباب عدم الاستقرار”.

وانتقد د.هفال ابوبكر الذي كان بروفيسورا مساعدا في جامعة السليمانية وعمل سابقا كصحافي، انتقد وسائل الاعلام لأنها تحصل على معلوماتها عبر الهاتف اكثر من تواجدها ميدانيا في موقع الحدث ولا تتابع ولاتستقصي المعلومات التي تصلها.  ودعا جميع الصحفيين ممن لديهم شكوى ضد اي شخص او جهة او قوة ضمن محيط الحكومة المحلية في السليمانية الى تسجل دعوى قانونية سيقوم بمتابعتها بنفسه عن قرب.

كما عبر عن سروره من عدم كسر ادوات الصحافيين وعدم أخذ اي جهاز من القنوات التي صدر بحقها اوامر ايقاف البث خلال احداث السابع عشر من كانون الاول من عام 2017 حتى ان المعتقلين عوملوا بشكل جيد، راجيا الصحافيين ومنظمات المجتمع المدني قراءة القوانين بشكل افضل وعدم التعامل معها بشكل “انتقائي” والتفريق بين الاوامر العسكرية والمؤسسات المدنية وعدم السعي الى انقسام المجتمع الكردي.

وخلال حديثه عن خططه اشار محافظ السليمانية الى تأسيس غرفة معلومات من اجل تزويد المواطنين والصحافيين بالمعلومات الصحيحة كما تعهد بالاجتماع مع ممثلي وسائل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني وجميع الفئات الاخرى في القريب العاجل من اجل ايجاد طريقة انسب لعمل الجميع بروح وطنية لا حزبية من اجل ادارة اكثر نجاحا.

وبعد تقديم المحورين شارك العديد من الحضور في اغناء الامسية بملاحظاتهم ووجهات نظرهم مقترحين دوام الندوات المماثلة من اجل تغيير البرودة التي تسود العلاقة بين الاعلام والسلطة وانشاء نوع من التعاون والتنسيق.

وتعد منظمة مراقبة الاعلام الكردي منظمة غير ربحية مستقلة غير حكومية، تأسست عام 2017 من قبل عدد من الشخصيات الأكاديمية في مدينة السليمانية، العاصمة الثقافية لإقليم كردستان العراق. ويتألف اعضاء الهيئة التاسيسية للمنظمة من شوان آدم (دكتوراه في ثقافات الصحافة) وهتاو حمه صالح (دكتوراه في حرية الاعلام) وفاروق جميل (ماجستير في الصحافة الالكترونية) وتوانا علي (بكالوريوس في الاعلام).

وحصلت المنظمة في الاول من تشرين الثاني عام 2017 على الاجازة الرسمية من قبل دائرة المنظمات غير الحكومية في اقليم كردستان وتعمل من خلال مراقبة مضمون الرسائل الاعلامية واعادة تنظيمها على انتاج صحافة مهنية مستقيمة ومتزنة على اساس تربية الجيل الجديد من الصحافيين وتدريبهم على تعزيز اسس المهنية واتباع القوانين والاخلاقيات المهنية للاعلام.